
[واجهة المكتبة البريطانية – لندن]
في القلب النَّابض من مدينة الضباب، التي تتزاحم فيها المكتبات والمتاحف والمعالم والمزارات الثقافية، والمقاصد السياحية المختلفة، تشخص المكتبة البريطانية -عملاق المعلومات كما تُوصَف- واجهة مُهِمّة ومُلْهِمة لطلاب الدراسات العليا، ورادة العلم والمعرفة.
المكتبة تُصَنّف -وفق التقييم العالمي للمكتبات الضّخمة- ثالثة أو رابعة، وأضخم مكتبات المملكة المتحدة، ما يعكس الأهمية والمكانة الفارقة، والموقع والتصنيف الدّرَجي المتقدم الموضوع لها.لم يكن اختيار هذه المكتبة للزيارة تحديدا لذلك الاعتبار فحسب، بل إن المكتبة تعد بحقٍّ مكْنَزًا مهمًّا لمجموعات مختلفة من الكتب القديمة والحديثة، والمصنّفات والمواد القيّمة، والعناصر المرجعية الغنيّة، وعلى رأسها -بطبيعة الحال- المجموعة الشرقية، التي تضم مخطوطات قرآنية، ودواوين شعرية، ومدونات عربية وإسلامية، ومخططات، وخرائط، ومجلات، وطوابع بريدية، ورسومات وصورا في غاية الأهمية. ونظرا للتعاون الذي عقدته بعض المكتبات الرقمية مع المكتبة البريطانية، فقد تهيّأ رفْع طائفة من تلك الأعمال عبر الشابكة، الأمر الذي يسّر كثيرا من الجهد والعمل والوقت على الباحثين في التراث والمخطوطات والأرشيف الوثائقي. على أن المجموعة الهندية وسجلات الهند تحتل -هي الأخرى- مساحة كبيرة وضخمة من محفوظات المكتبة، والتي تضم بدورها بعض الكتب والمخطوطات والوثائق والرسوم النادرة والمميزة.
الزيارة مبادرة قام بها الشيخ الدكتور محمد بن سالم الحارثي، إلى المملكة المتحدة، استغرقت عشرة أيام، شملت عددا من المكتبات الوطنية والمركزية والجامعية، في كلٍّ من: لندن وويلز وليفربول ومانشستر. تأتي هذه الزيارة عقيب سلسلة من الزيارات الرسمية، التي قام بها فيما مضى -ممثلا للنادي الثقافي بسلطنة عُمان-، والتي عبَرت عددا من المحطات المكتبية والمتحفية، في مختلف دول العالم، كـ: (إيطاليا – فرنسا – أسبانيا – البرتغال – أستراليا – نيوزيلاندا – أوزبكستان .. إلخ).
المكتبة البريطانية .. التبعيّة، والقيمة العلمية:
المكتبة البريطانية بلندن كيان مستقل (هيئة تنفيذية)، تتبعها قطاعات مختلفة، وهي تحظى برعاية مباشرة من لدن وزارة الثقافة والإعلام والرياضة، وحيث إن قانون الإيداع الخاص بالكتب والمطبوعات والمصنفات الفنية في المملكة المتحدة يُلْزم المعنيين تزويدَ المكتبة بكل ما يُنْتج في البلاد، فإن المكتبة -بذلك- باتت مستودعا ضخما للكتب، وخزّانا ثرًّا في تجدُّد دائم ومستمر. يضمُّ قسم العرض لكنز (Ritalt) نوادر الكتب، ويحتفظ بنسخة من (Magma Carta)، و(مذكرات دافينشي)، وأول نسخة مكتوبة من القصة المعروفة (أليس في بلاد العجائب). وقبيل استقلالها الفعلي كانت المكتبة جزءا من المتحف البريطاني، لذا فقد غذّى المتحف المكتبة بعناصر مختلفة، وقدّم لها عددا كبيرا من الحيازات وأوعية المعلومات والمواد الغنية. يتجاوز مجموع ما تحويه المكتبة اليوم (١٦٥) مليون عنصرا (بأربع مئة لغة). كما أن المكتبة تحوي أضخم أرشيف صوتي ببريطانيا، يضم تسجيلات صوتية، ومواد فلمية، وموسيقية، وغيرها. بذلك تفرض المكتبة حضورا مهمًّا في وسطها الثقافي والعلمي بين دوائر المكتبات البريطانية، التي تجْبَهُك في كل حاضرة من الحواضر الكبرى بالمملكة المتحدة.
تنافسية المكتبات، والبدائل المتاحة:
تضمُّ العاصمة البريطانية لندن وحدها -إذا ما استبعدنا المكتبات الخاصّة والتجارية-، عددا ضخما من المكتبات المهمّة، التي غدت قبلة للطلبة والدارسين. يدرك المتصفح -لأول وهلة- لمواقع التعريف والروابط المتاحة حجم تلك المكتبات، ومجالاتها، وطبيعة المواد المنشورة، ومواقعها، وأهم الخدمات المقدمة بها، ولعل الوارد أدناه من بين أهم تلك المكتبات والصالات البحثية الموصى بها، مع الاقتصار على بعضها فقط للتمثيل؛ لوضع المتابع في الصورة:
- مكتبة الفنون الوطنية (NAL): مكتبة متحفية (تطل على حديقة جون ماديجسكي بمتحف فكتوريا وآلبرت للفنون)، ما يوفر بيئة دراسية ملائمة لطلبة هذا التخصص، وللدارسين بشكل عام. تمتلك المكتبة -بحسب الموقع الرسمي لها- المجموعة المرجعية العامة الأكثر شمولاً في المملكة المتحدة؛ من: (الأدبيات المتعلقة بالفنون الجميلة والزخرفية، بما في ذلك الكتب والمجلات وكتالوجات المعارض وكتالوجات مبيعات دور المزادات والقصص المصورة والموارد الإلكترونية وغيرها). نظرةٌ في الـمُدَوّن بشأن العناصر التي تمتلكها تُفْصِحُ عن أنها: “تحتوي على حوالي مليون كتاب، حول الموضوعات الأساسية لمجموعات متحف فيكتوريا وألبرت، بما في ذلك: المطبوعات والرسومات واللوحات والصور الفوتوغرافية والسيراميك والزجاج والمنسوجات والأزياء والأثاث والتصميم والأعمال المعدنية والنحت”. أما عن أعمار مشتملاتها فتتراوح ما بين مخطوطات العصور الوسطى إلى كتب الفنانين والمبدعين المعاصرين (١).
- مكتبة موغان: ذات البناء القوطي العريق (ينتمي لـ ق١٩م)، تقع ضمن الحرم الجامعي لكلية الملك (King’s College)، التي تعد من أعرق جامعات بريطانيا، في مجال العلوم والاكتشاف العلمي. المبنى كان مستودعا لمكتب السجلات العامة “الصندوق القوي للإمبراطورية” -كما كان يُعْرَف-؛ لذا فقد بني مقاوما للحريق، وهو الأول من نوعه على هذا النحو (٢)، وقد آلَ إلى الجامعة في مرحلة لاحقة(٣). تقوم المكتبة بتخزين الأطروحات والمجلات وأوراق الامتحانات والكتب المتعلقة بالعلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والقانون، كما تضم -أيضًا- كنيسة صغيرة تعود للقرون الوسطى، تُعرف الآن باسم غرفة ويستون، مع نوافذ زجاجية ملونة وأرضية من الفسيفساء (٤).

[مقطع جانبي من داخل مكتبة موغان – لندن]
- مكتبة وغرفة “ويلكم تراست“ (Welcome Trust Reading Room): متاحة للباحثين، بها مواد قيّمة جدًّا في الطب وتاريخه، وفي العلوم (الفيزيائية، والاجتماعية، والعلوم الإنسانية)، إلى جانب اشتمالها على كتب أخرى ذات موضوعات غرائبية. تُنظّم الغرفة حلقات عمل تدريبية، وأمسيات أدبية وعلمية، ومعارض فنية، وتتيح المجال للنقاشات المفتوحة للجمهور (٥).
- مكتبة (SOAS): جامعية، مخصّصة للدراسات الاستشراقية والأفريقية، وتضم أكثر من ١،٣ مليون مجلد ودورية، إزاء المواد السمعية والبصرية الأخرى (بـ ٤٠٠ لغة)، ومجموعة خاصة من المخطوطات والكتب النادرة، والمحفوظات النفيسة (٦).
- مكتبة جيلدهول (Guildhall): مَعْلَم مهم، يضمُّ أكبر مجموعة تعنى بتاريخ لندن وأرشيفها الخاص (بها ملفات أكثر من ٨٠ شركة، وبيانات البورصة وغيرها). تأسست المكتبة على يد اللورد مايور ديك ويتينغتون في عشرينيات القرن الماضي، وقد تلفت كثير من موادها جرّاء القصف الذي تعرضت له أثناء الحرب العالمية الثانية (٧).
- مكتبة لندن مقابل ميدان سانت جيمس: مكتبة عامة، تردد عليها الكثير من الأدباء والفنانين الكبار، وتعد من أرقى المكتبات في لندن. افتتحت عام ١٨٤١م بمعدل ٣٠٠٠ كتاب، لتصل اليوم إلى أكثر من مليون كتاب. تضم المكتبة نفائس الكتب في مختلف حقول العلم والمعرفة؛ من فلسفة، واقتصاد، وعلوم اجتماعية، وإنسانية، وسياسية، إلى جانب التاريخ -قديمه وحديثه- (السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، والاجتماعي، والعسكري .. إلخ)، إلى الآداب واللغات والفنون الجميلة والتطبيقية، والدراما، وكتب تضاريس إنجلترا واسكتلندا وويلز، وتاريخ مقاطعة فيكتوريا. كما تشمل: السير الذاتية، والمجلات، والنشرات الحديثة والقديمة، مع تركيز المجموعة الأساسية منها على أوروبا والغرب خاصة، والولايات المتحدة الأمريكية، ودول الكومنولث عامة (٨).
- مكتبة كينغستون (Kingston): مكتبة عامة، اكتسبت أهميتها من موقعها المميز والنشط في وسطها، إلى جانب فروعها الستة، ومكتبة المجتمع المرتبطة بها. تحوي المكتبة الكثيرَ من الكتب المرجعية القيِّمة، في مجالات شتى، كما تُعْنى بالدوريات المتخصصة، وتتيح لمجتمع المستفيدين منها الكتب الإلكترونية والصوتية (٩).
- مكتبة مجلس الشيوخ (المكتبة المركزية لجامعة لندن وكلية الدراسات المتقدمة): تعدُّ واحدة من أكبر المكتبات الأكاديمية في المملكة المتحدة للفنون والعلوم الإنسانية والاجتماعية. تحوي المجموعة الخاصة منها على ثروة من المواد المختلفة، وكتب التاريخ المرجعية، بدءًا من العصور الوسطى وحتى العصر الحديث. وبنحو كبير جدًّا كتب الأدب والفنون وعلم الاجتماع، والسياسة، والاقتصاد، كما تضمّ مخطوطات لا تتاح عادة إلا للأعضاء الرسميين (١٠).
تلك كانت بعض أشهر المكتبات المفضلة والمقصودة بالعاصمة لندن وحدها، والمعرّف بها في المواقع والمنتديات والروابط المتاحة، إلى جانب أن المتابع يجد بعض المكتبات الأخرى المخصصة للطفل (Bibliothèque Quentin Blake)، أو للشعر (National Poetry Library)، أو حتى للسينما، أو لموضوعات ما محددة، كمكتبة وينر للهولوكوست (The Wiener Holocaust Library)، ومجموعة مكتبات ويلكم للصحة العامة -مثلا-! .. إلخ (١١)، على أن معظم المدن الكبيرة بالمملكة تحوي بدورها عشرات المكتبات المركزية، والجامعية، فضلا عن تلك الخاصة، التي لا يكاد يخلو عادة منها طريق رئيس أو تجمُّع سكاني أو حي جامع، وقد قُدِّر لموفد سلطنة عمان زيارة عدد من تلك المكتبات، في: مانشستر، وويلز، وليفربول.. وغيرها.
الوصف العام للمكتبة البريطانية، والمعرض المصاحب لها:
يستقبلك بهو مفتوح عند دخول المكتبة، يدْلف بك إلى قاعة العرض المتحفي المؤقت (يتغير عادة كل عام ونصف تقريبا، بينما العرض المتحفي في مكتبات أخرى -كالمكتبة المركزية بويلز مثلا- لا يتجاوز ستة أشهر)، يحوي العرض تشكيلة من الاختيارات، تضمّ مجموعات مختلفة، تتمثل في: (المخطوطات، والوثائق، والصور، والرسومات، والخرائط، والأشكال والمجسمات، والعروض المرئية)، ونحو ذلك.
المكتبة تُدار بوساطة جيش من العاملين؛ ما بين مكتبيين، وإداريين، وعمال ترميم، ومؤرشفين، وموظفي خدمات، وعمالة، كما تتيح بعض المكتبات الأخرى (كالمكتبة المذكورة سابقا بويلز) فرصة المشاركة للمتطوعين؛ إذ يزيد عدد العاملين بها على ٢٠٠ موظف.

[مدخل المكتبة، والبهو الرابط بين أجزائها المختلفة]
وسَّط القاعة الرئيسة لمدخل المكتبة البريطانية مجموعة الملك جورج الأثيرة، المودعة على حالها، مغلّفة بجدار زجاجي سميك، مُمثلة بذلك أيقونة فريدة ومميزة، لافتة للأنظار في قلب المكتبة، التي تحتفظ بغالب مصورات هذه المجموعة تحديدا. تحيط بها الأدوار الملأى بـ: قاعات القراءة وأرفف الكتب، بينما تخصص القاعات السفلية للحفظ والأرشفة. يلتحق بالمكتبة عدد من المرافق الخدمية، التي تتصل بالمبنى الرئيس، ويمكن الارتباط من خلالها بالبناء المركزي. غير بعيد عن المكتبة يشخص المتحف الوطني، الذي يؤمُّهُ مئات السياح أسبوعيا. من جانبها تشهد المكتبة حضورا كبيرا للطلبة والدارسين من مختلف الأعمار، وهي تخصِّص برامج دورية لصغار السن، الذين يزورون المكتبة في شكل مجموعات منظمة طيلة أيام الأسبوع، ويستمعون لشرح مُكثّف حول طبيعة عمل المكتبة، ومشتملاتها، بعده يأخذون -كما جرت العادة- جولة تعريفية ضمن المتحف المشار إليه سابقا.

[مجموعة الملك جورج، محفوظة وسط المكتبة]
جولة في أروقة المكتبة، والتعرُّف على خدماتها:
تضجُّ المكتبة بالقاعات المختلفة، التي تقدم خدمات (العرض، والتوثيق، والترميم)، والمبنى الرئيس أحد مبنيين، متصلين فعليّا بعدد من المباني الأخرى، ويتخذ صورة سفينة، مُحَمّلة بقاعات القراءة، ومخازن أرضية للحفظ. تعد المكتبة مقصدا مهمّا لطلبة المداس والجامعات وللباحثين -على حدٍّ سواء-، ووجهة وقبلة لرادة العلوم والمعارف والآداب والفنون؛ حيث يتردد عليها سنويا حوالي مليوني زائر -بحسب إفادة أحد القيّمين عليها-. الدكتور مايكل أردمان – رئيس قسم مجموعة الشرق الأوسط وآسيا الصغرى، كان في مقدمة المستقبلين. رحب بالزيارة، وقدّم تعريفا موجزا بالمكتبة، ثم قام بعمل جولة في المعرض المصاحب لها، وعرّف بمشتملاتها، وقدّم وصفا وافيا لها، ألحقه ببعض الوثائق التعريفية والنشرات. يضم الدور الأول بهوا مخصصا للخدمات العامة، وقاعات مخصصة للعرض، بينما تتوزع المكتبة في الأدوار العلوية، وتخصص الأدوار الأرضية للحفظ. تتمتع أدوار حفظ الكتب -رغم اكتظاظها- بأريحية التجول فيها، واتخاذ إحدى المنصات أو المقاعد المخصصة للبحث والقراءة مسرحا لعمليات البحث والكتابة، وهي -إلى حدٍّ كبير جدا- مكتبة عمليّة، توفّر بيئة ملائمة للباحثين، مع تزويد كل دور من أدوارها بمنصات بحثية، وموظفين مخصصين لهذه المهمة. الملاحظ على المكتبة أنها تتيح للزائر العادي التجول بها دون قيود، غير أنها لا تتيح إلا للأعضاء الرسميين إمكانية الوصول لأوعية المعلومات المطلوبة.

[صورة لإحدى زوايا المتحف، يظهر خلفها طلبة المدارس]
توصف المكتبة بأنها مستودع ضخم للعلوم والمعارف، ومن جميل الموافقات أن الدكتور مايكل عمل قنصلا لكندا بالمملكة المتحدة، قبل أن يَلِيَ هذه المهمة، الأمر الذي جعله حريصا حرصا بالغا على إيلاء هذه الزيارة حقها الكامل.. شرحا، وبيانا، وتوفيرا لأوعية المعلومات المطلوبة، وتنسيقا مع الإدارة بعدها لتزويد القائم بالمهمة بأرشيف المكتبة التعريفي، وبعض روابط المخطوطات المهمة والنادرة. هناك قناعة من قبل القائمين على المكتبة حاليا بأهمية الفضاء الإلكتروني، رغم الهجوم السيبراني الذي تعرضت له أشغالها قبل مدة ليست باليسيرة، لقد مكّن الكتاب الإلكتروني من اختصار الكثير من الجهود على الباحثين، وما زال العمل جاريا على تجاوز المشاكل التي ضربت الموقع، وعطلت عمله، أو حدّت من دائرة الاستفادة المتوخاة منه.
في أحاديث جانبية نوقشت عدة موضوعات، من بينها: عدد المحفوظات بالمكتبة، واللغات التي كتبت بها تلك الأعمال، كما تم التعرض للغة العربية وتدريسها للناطقين بغيرها، والفرق بين اللهجات العربية، والآلية الناجعة لتعلمها؛ من وجهة نظر محايدة.

[إحدى المخطوطات العمانية المحفوظة لدى المكتبة البريطانية]

[ديوان شعري عماني، محفوظ لدى المكتبة البريطانية]
مكتبات ويلز ومانشستر وليفربول:
تعدُّ المكتبة الوطنية بابريستويث في ويلز مقصدا مهمًّا آخر، ووجهة سياحية جديرة حقا بالزيارة. بمبناها الأبيض المهيب، ثم بالموقع الاستراتيجي الذي تحتلُّه، المطلّ على المدينة تحته، وبما تحويه من خدمات، ودعم، وأجواء مهيأة للدراسة والبحث. إلى جانب جيش من العاملين والمتطوعين الذين يتجاوز عددهم المائتين، وبالتعاون المثالي، الذي يجعل من العملية البحثية ميسورة، ومن الجهد المبذول متضائلا. نسق للزيارة الباحث ريان إيفانز – العامل بالمكتبة؛ بوساطة الأستاذة الجادّة سالي لطيف – المرشدة الأكاديمية لدى الملحقية الثقافية العمانية بلندن، وبإشراف مباشر من قبل المرحومة الدكتورة عبير بنت علي بن عوض – الملحقة الثقافية لسلطنة عمان بالمملكة المتحدة، والتي تواصلت مع المختصين في المكتبة وغيرها، ومهّدت لهذه اللقاءات، وكانت خير داعم للمشروع.

[لقاء في سفارة سلطنة عمان، مع الأخوين العزيزين: أ. سيف البوسعيدي، و: د. عبد الله الكندي]
كان للأخوة في سفارة سلطنة عمان بالمملكة المتحدة -أيضًا- دور كبير جدا في تذليل كافة الصعوبات والعقبات، وقد جمعَ موفدَ المهمة بهم لقاءٌ حافل بمقر السفارة بلندن، تبادل فيه الجميع عددا من القضايا المثمرة، كما تم استعراض بعض الجوانب التاريخية والأدبية، في جوٍّ مفعم بالحيويّة والمحبّة والصدق، والنُّصح والإخلاص لقضايا الوطن وأهله.
لم يكن الوصول إلى المكتبة الوطنية بتلك البلدة في ويلز سهلا -عودا على بدء-؛ فلقد استوجب المبيت في أقرب مدينة للوصول إلى هذه النقطة القصيّة. لذا كان للوصول إلى المكتبة بعد ذلك العناء رمزية ومعنى خاص.
جرت العادة أن يتم تحديد الكتب المطلوبة باكرا. لذا فقد وجد الباحث المواد المطلوبة محضّرة، وبعد جولة استغرقت ساعتين تقريبا حول المكتبة وملاحقها المختلفة، وبين أروقتها، وعبر مساربها.. استطاع الباحث أن يأخذ فكرة مُسْتَقْصِيَة، وإلماما كافيا، تعين على استيفاء الجانب المرتبط بالتعريف المطلوب من المعنيين للمكتبة ومرافقها والخدمات المقدمة بها.
يمكن القول إن المكتبة في أدوار الحفظ والتخزين أشبه ما تكون ببنك مُحصّن للكتب والمخطوطات والأرشيف التاريخي والصور والرسومات؛ إذ تحتفظ بالعناصر المراد تأمينها في غرف مقفلة، ضمن أجنحة مغلقة، لا يمكن اجتيازها إلا بسلطة خاصة. وبعد الدخول لا بد من استلام المفتاح المخصص لكل غرفة مستقلة. عدا الألواح والرسوم والخرائط؛ فإنها تحفظ في قاعات واسعة ومفتوحة، وتؤرشف بطريقة احترافية، وتُوصّف بنحو دقيق. البناء الخارجي للمكتبة أشبه بالقلعة.. غرفها، وأدوارها، وصالاتها متعددة الأغراض، والتحديثات المضافة إليها في مراحل مختلفة، إلى جانب ما تحويه يجعلها واحدة من المكتبات المهمة في المقاطعة، بل أيقونة متفردة في موقعها.
- المكتبة المزورة التالية كانت مكتبة ليفربول المركزية، التي تعدُّ شاخصا وهيكلا ضخما ضمن الميدان الرئيس للمباني الحكومية العملاقة، قريبا من محطة القطار المركزية (لاين ستريت)، التي تصل ليفربول بمختلف العواصم والقرى القريبة والبعيدة منها. المكتبة من الداخل أشبه ما تكون بخلية نحل، حيث الأدوار الملْأَى بمنصات وأرفف الكتب، التي تنبثُّ حولها أجهزة الحاسب الآلي، والمناضد البحثية، وطاولات المناقشة المستديرة، وفي القلب منها واحدة من أروع القاعات المستديرة الضخمة، العامرة أرففها ومدرجاتها بالكتب حتى السقف. وعلى شكل خطوط متقطعة من القلب تمتد مقاعد وطاولات البحث، تتوزع على جنباتها الأرفف المكتبية المميزة، بينما يتوسط المشهد عمود عليه جزء من إضاءة، فوقه قبة عملاقة. تجعل الناظر مشدوها إليها، وإلى القاعة ككل. تنتشر بالمكتبة أجهزة البحث ومنصاته، إلى جانب العاملين على تزويد المترددين يما يحتاجون إليه عادة من بيانات أو معلومات. المكتبة توجب الانتماء لعضويتها؛ لتمكين الباحثين من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها.

[القاعة الرئيسة للمكتبة المركزية بليفربول]
كانت الزيارة سريعة، لكنها مُحمّلة بالكثير من الفوائد، ولعل أعجب ما يلفت الزائر المسرح المكتبي المخصص للأطفال في زاوية المكتبة، والذي يجعلهم يسبحون في عالمهم الخاص مع الكتب المعدّة لأعمارهم، والألوان الجاذبة والمريحة لهم. وكأنهم يعيشون لعبة مكتبية تُحبّب إليهم القراءة والكتابة، وتنمّي ذلك العشق للكتاب لديهم؛ في مرحلة باكرة.
- المكتبة الثالثة في مانشستر (مكتبة جامعة مانشستر، المعروفة سابقا بمكتبة جون ريلاندز الجامعية): واحدة من أهم المكتبات المحتفظة بمجموعة من المخطوطات القيمة، التي تمكّن الباحث من تصفُّح بعضها وطلبه واستخراج ما يحتاج إليه من معلومات. بطرازها القوطي، وبنائها الشامخ، وسقوفها العالية، وأبراجها الشامخة، ومداخلها الفسيحة، وسلالمها الملتوية.. تشخص المكتبة معْلما علميا وسياحيا في آنٍ معًا. لا يمكن بحال تجاوزه؛ فالمبنى من جهة يمثل طرازا معماريا فريدا من نوعه، لذا يجتذب إليه أعدادا غفيرة من السياح يوميا، ومن جهة ثانية -وهي الأهم في تقدير منفذ الزيارة- تعدُّ المكتبة مكْنَزًا لثروة من المخطوطات المُحبّرة بلغات شتى، إلى جانب عشرات المخطوطات العربية والإسلامية، التي اطلع الباحث منها على حوالي عشرة مخطوطات قيّمة، يرتد بعضها إلى أكثر من (٧٠٠) سنة.

[استعراض مخطوطة أخبار الدول وآثار الأول، ضمن مجموعة مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر]
وهي تدور عموما بين كتب الفقه والتفسير والتاريخ العام، وبحسب المعلومات التي قدمتها زوفى ديبا – المشرفة على الزيارة فإن مجموعة ريلاندز العربية يشتمل بعضها على أجزاء من مخطوطات على ورق البردي والرق.
والمجموعة بعامة تحتوي على ما يقرب من 900 مخطوطة، العديد منها فريد ونادر، وتغطي ما يقرب من 1000 عام، ومساحة واسعة من الموضوعات. تشمل المصاحف (من نصوص كتبت بالخطوط العباسية المبكرة من القرنين التاسع والعاشر الميلاديين، ونسخة نادرة بثلاث لغات، من مصر المملوكية تنتمي للقرن الخامس عشر)، ومواد ونصوص دينية أخرى تتعلق بالتاريخ والقانون والعلوم والطب والجغرافيا، وعلم الكون، وعلم الفلك والتنجيم والفلسفة والأدب. تتضمن المجموعة -أيضًا- 800 بردية؛ عبارة عن رسائل خاصة، وحسابات للتجار والأسر، وإيصالات دفع الخراج (ضريبة الأراضي) ووثائق أخرى.

[مخطوطة لطائف أخبار الأول فيمن تصرف في مصر من أرباب الدول، ضمن مجموعة مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر]
وبحسب الإفادة فإن تاريخ تلك البرديات يعود إلى القرن الثاني للقرن الخامس الهجري (القرنين الثامن إلى الحادي عشر الميلادي)، ويعود العدد الأكبر من العناصر المؤرخة إلى القرن الثالث الهجري.
والمدينة التي يتم ذكرها بشكل متكرر هي أوشمونايا، أو أشمونين (تابعة محافظة المنيا)، وهي هرموبوليس اليونانية، وكان سكانها من الأقباط إلى حدٍّ كبير(١٢).

[مشهد مهيب؛ من قلب مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر]
الكتب والدراسات المطلوبة:
توزّعت الكتب والأعمال المطلوبة من تلك المكتبات التي تهم الباحث، بين مخطوطات ودراسات وبحوث وخرائط. كلها تدور -غالبا- حول سلطنة عمان وتاريخها الضارب بجذوره في الأعماق، ثم من ولي الإمارة والحكم من رجالاتها الأفذاذ، بخاصة في بلاد ما وراء النهر ومصر والمغرب العربي، فمن جاء بعدهم من أئمة وسلاطين، حتى يومنا هذا، ويمكن -من خلال الآتي- استعراض بعض تلك المواد:
أولا) المخطوطات (مع الاقتصار على مجموعة مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر):
- أخبار الدول وآثار الأول، لأحمد بن يوسف القرماني الدمشقي، رقم: 26.
- تاريخ المسلمين من صاحب البرية أبي القاسم محمد صلعم إلى الدولة الأتابكية لجرجس بن العميد، المعروف بتاريخ ابن العميد، رقم: 43.
- ذكر فتح مدينة البهنسا وفضائلها وعجائبها وفضل البحر اليوسفي، رقم: 32.
- السلوك لمعرفة دول الملوك لأحمد المقريزي، و: المواعظ والاعتبار له -أيضًا-. رقم: 61.
- لطائف أخبار الأول فيمن تصرف في مصر من أرباب الدول، لابن عبد المعطي المنوفي، رقم: 82.
- مختصر الكلام في تقلبات حوادث الايام، كتبه حسن بن أحمد الكاتب، رقم: 66.
- موارد اللطافة فيمن ولي السلطنة والخلافة لابن تغري بردي الأتابكي “لعله: النجوم الزاهرة”، رقم: 41.
- نزهة الناظرين في أسماء الخلفاء والسلاطين، لزين الدين مرعي بن يوسف الكرمي، رقم: 39.
- نزهة الأرواح وروضة الأفراح، لشمس الدين الشهرزوري، رقم: 36.

[استعراض لوح، كتبت عليه سورة الفاتحة؛ محفوظ بمكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر]
ثانيا) الدراسات والبحوث:
يمكن تقسيم ما وُفِّق إليه الباحث إلى: دراسات أكاديمية متخصصة، لبعض الدارسين الحاصلين على درجات علمية لمرحلة الماجستير والدكتوراه، من كبريات الجامعات في هارفرد وأكسفورد وغيرها، والتي طبع بعضها، وأودع بعضها الآخر للحفظ على صورة مسودة، ومؤلفات وبحوث أخرى مطبوعة داخل بريطانيا وخارجها، ومن اللافت جدا أن طائفة ثالثة من تلك الأعمال طُبِع بدعم مباشر من قبل السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، أو من قبل الحكومة العمانية، هذا إذا ما استثنينا طبعا الإهداءات الخاصة، ومطبوعات وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ووزارة الإعلام العمانية، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية .. إلخ. وقد وجد الباحث أن بعضا من تلك الدراسات القيّمة تُرْجم لاحقا بجهود شخصية مقدَّرة، كتلك التي قام بها -مثلا- الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي، ليس من آخرها كتابا (العمانيون والتدافع الاستعماري على إفريقيا)، و: (عمان وبناء الدولة الحديثة)؛ اللذان صدرا في العام المنصرم (٢٠٢٤م)، و(شراء الوقت)، و(الماء والاستقرار القبلي في جنوب شرق الجزيرة العربية)، اللذان طبعا هذا العام (2025م). أما الأرشيف الوثائقي الضخم، والسجلات والتقارير البريطانية ويوميات المقيمية في مسقط وغيرها، فبعضها متاح ضمن الجهود الأخرى للتوثيق الرقمي الذي قامت به مكتبة قطر، أو اجتهدت في رصده هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وقد طُبِع بعضها مترجما في عشرات المجلدات الضخمة، بوساطة مساعي الشيخ محمد الحارثي -آنف الذكر-. قبل سنوات خلت تصدّى فريق متخصص من قبل جامعة السلطان قابوس، فترجم بعضا من تلك الوثائق، بيد أنها بقيت حبيسة الأضابير، لم ترَ النور، اللهم إلا في حدود ضيقة؛ لاعتبارات مختلفة. جدير بالذكر أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب طبعت عشرات الأعمال القيمة، بعد ترجمتها، كما قامت الهيئة بطباعة جمهرة أخرى لاحقا من تلك الأعمال.
بالجملة فإن من بين تلك الدراسات والبحوث التي قُدِّر للباحث الاطلاع عليها، والتي يوصي بضرورة ترجمة ما لم يترجم منها الآتي:
- المكتبة البريطانية:
- سلطنة عمان. كليمنتس، فرانك أ. الناشر: أكسفورد: Clio، ط 1994م.
- عمان ونهضتها. هاولي، دونالد. الناشر: ستايسي الدولية، ط 1984م.
- تاريخ عمان الحديث. جونز، جيريمي، وريدوت، نيكولاس بيتر. الناشر: كامبريدج: مطبعة الجامعة، ط 2015م.
- شبه الجزيرة العربية: عمان في بداية الفترة الساسانية (250 av -350 ap.. JC). موتون، ميشيل. الناشر: أكسفورد: آركيوبرس، ط 2008م.
- عمان المعاصرة: الدولة، الإقليم، الهوية. لافيرجن، مارك. دومورتييه، بريجيت. الناشر: باريس: كارثالا، ط2002م.
- مسقط وعمان: نهاية حقبة. سكيت، لان. الناشر: لندن: فابر، ط 1974م (سيتكرر لاحقا بعنوان مختلف في طبعة محدثة).
- أمراء الحرب في عمان. بي سي ألفري، الناشر: لندن: روبرت هيل، ط 2008م.
- عمان: التاريخ الموجز. فيليبس، ويندل. الناشر: لندن: لونجمان، ط 1967م.
- رعاية الماضي ومعايشة الحاضر: سياسة الزمن في سلطنة عمان. ساتشيدينا، أمل، الناشر: إيثاكا نيويورك: مطبعة جامعة كورنيل، ط 2021م.
- عمان: الحاضر في سياق الماضي الممزق، باريت، روبي كارول، الناشر: قاعدة ماكديل الجوية، فلوريدا: مطبعة JSOU، ط 2011م.
- القبائل في عمان، كارتر، جي آر إل (جون آر إل)، الناشر: لندن: نشر شبه الجزيرة، ط1982م.
- سلطنة عمان: تاريخ القرن العشرين، جويس، ميريام. الناشر: ويستبورت، كونيتيكت؛ لندن: برايجر، ط 1995م.
- عمان بين الاستقلال والاحتلال الاستعماري. الوسمي، خالد. الناشر: جنيف: حزب العمال وفيدس، ط 1986م.
- عمان في القرن العشرين: الأسس السياسية للدولة الناشئة، بيترسون، جي إي (السير). الناشر: لندن: كروم هيلم ..، ط 1978م.
- تاريخ أئمة وسادة عمان من 661 إلى 1856 م. مترجم من العربية الأصلية، ومحرر مع الملاحظات والملاحق والمقدمة، بمواصلة التاريخ حتى عام 1870، بادجر، جورج بيرسي، جمعية هاكلويت. الناشر: لندن، ط 1871م.
- بناء الدولة ومكافحة التمرد في عمان: العلاقات السياسية والعسكرية والدبلوماسية في نهاية الإمبراطورية، ورال، جيمس. الناشر: لندن: آي. بي. توريس، ط 2014م.
- حركات التمرد في عمان: صراع السلطنة من أجل السيادة، بيترسون، جي (جون). الناشر: لندن: ساقي، ط 2007.
- عائلة إسلامية مبكرة من عمان: رواية العوتبي عن المهالبة. مجلة “الدراسات السامية”، الدراسات: رقم 7. الناشر: جامعة مانشستر، ط 1991م.
- من حيث توقّفَ الزمن وما يزال: صورة المشهد في عمان، سانت ألبانز، سوزان ماري، أديل بيوكليرك، دوتشيس. الناشر: لندن: كتب الرباعية، ط 1980م.
- العرب في الإمبراطورية الإسلامية المبكرة: استكشاف الهوية القبلية الأزدية. أولريش، بريان، الناشر: مطبعة جامعة أدنبره، ط 2019م.
إلى جانب عشرات الكتب الأخرى، الخاصة بشخصيات عمانية، وشخصية السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيَّب الله ثراه- وأدواره في عُمان والعالم.

٢- المكتبة المركزية بويلز:
- سلطنة عمان، ألين جونيور، كالفن اتش، ط 2016م.
- تقرير بعثة كامبريدج لنهضة عمان. أعده: أعضاء البعثة، حرره: د. واتسون. الناشر: جامعة كامبريدج (د. ت).
- عمان قبل 1970: نهاية حقبة. سكيت، لان. (مكرر؛ بعنوان جديد)، تاريخ النشر الأصلي: 1974. الناشر: لندن: فابر، ط 1985م.
- الدبلوماسية البريطانية في عمان والبحرين: 50 عامًا من التغيير، ورثينجتون، جو. ط 2023، المصدر: مجموعة ألما / SFX المحلية.
- مسودتان مطبوعتان لكتاب “سلطان عمان” مع مراجعات للمخطوطة، وملاحظات لاحقة حول طبعات وانطباعات مختلفة للعمل. تاريخ الإنشاء: 1956، 1957-1983.
- السلطان قابوس وعمان الحديثة 1970-2020. فرومهيرتز، ألين جيمس (2022)، مجموعة ألما /SFX المحلية.
- سلطنة عمان. الكتاب السنوي لرجل الدولة (٢٠٢٣م). سبرينغر نيتشر المحدودة 2022م. مجموعة ألما / SFX المحلية.
- عمان في عهد قابوس: من الانقلاب إلى الدستور 1970-1996. كالفن إتش ألين، دبليو لين ريغسبي. الناشر: لندن: فرانك كاس، ط 2000م.
- السلطنة المستمرة: عمان في نظر العالم من قابوس بن سعيد إلى هيثم بن طارق. جوزيف أ. كشيشيان. الناشر: ليفربول: مطبعة جامعة ليفربول، ط 2023م.
- لقد انتصرنا في الحرب: الحملة في عمان 1965-1975. جون أكيهرست؛ مع مقدمة كتبها اللورد كارفر. الناشر: ويلتون: مايكل راسل، ط 1982م.
- نشوء الدول في المجتمع القبلي: عمان في عهد سعيد بن تيمور 1932-1970، فوزي ربيع. الناشر: برايتون: مطبعة ساسكس الأكاديمية، ط 2011م.
- عمان والإمبريالية الساسانية المتأخرة. مونت، هاري. د.م. 2017م.
- وثائق النضال الوطني في عمان والخليج العربي [ترجمة عن العربية]. الناشر: لندن: اللجنة الخليجية، ط 1974م.
- دور عائلة المهلب الأزدية في الصراع على السلطة ضد الأمويين في مرو: إعادة تقييم تاريخي. ميسون، هربرت، ط 1967م إي جي بريل. إلى آخره.

قائمة المخطوطات العمانية التي أهداها العقيد جاياكار المكتبة البريطانية:
كتب مايكل أردمان – رئيس قسم الشرق وآسيا الوسطى، بالمكتبة البريطانية مقالا مطولا، نشره في موقع المكتبة البريطانية؛ نتيجة للزيارة التي قام بها ممثل النادي الثقافي، عنون له بـ: (كنوز العقيد جاياكار العمانية)****، ضمن مدونة الدراسات الآسيوية والأفريقية، عرَّف فيه ابتداء بأهم ما اشتملت عليه المكتبة من إرث عماني، ثم تحدَّث عن جهود كلٍّ من مايلز وجاياكار، في إهداء المكتبة بعضا من أهم الأعمال التي عثرا عليها، ووصف مجموعة مايلز بالانتقائية؛ نظرا للظروف والملابسات التي زامنت وجوده بعُمان، كما تحدَّث عن القيمة العالية والمهمة لأعمال عدد من الدارسين للتاريخ العماني. وأفرد مساحة كبيرة للحديث عن العقيد آنف الذكر، الذي عنون مقاله باسمه، وأشار إلى أنه -وللتحضير لتلك الزيارة بشكل جيد- طلب بعض المعلومات الخاصة بالموروث الفكري العماني المحفوظ بالمكتبة، لكن ولأسباب فنية وتقنية تعذّر عليه الوصول لتلك المعلومات، ما اضطره للعودة إلى أقبية المكتبة؛ للبحث فيها بنفسه عن تلك الأسرار. يقول: “بعد الهجوم الإلكتروني الذي تعرضنا له في أكتوبر 2023م، كان الأمر أكثر تعقيدًا بعض الشيء. كان الانسداد المؤقت في عمليات الاسترجاع يعني أنه كان عليّ الذهاب إلى الطابق السفلي لاستعراض المجلد المطلوب، وسحبه من الرَّف بنفسي؛ وهو أمر ليس شائعًا في الأوقات العادية. في الطابق السفلي، قررت إزاحة المجلدات الأخرى إلى اليسار واليمين؛ للوصول إلى بغيتي. أصبح المصباح فوق رأسي أكثر سطوعًا تدريجيًا، وسرعان ما أدركت أنني كنت أنظر إلى مجموعة صغيرة مؤلَّفة من 10 مخطوطات، من المحتمل أن تكون جميعها من عُمان، وجميعها مودعة في المتحف البريطاني من قبل الرجل نفسه: العقيد جاياكار”.
بحث مطولا بعدها عن شخصية هذا العقيد، وقدَّم معلومات مهمة حوله؛ بعد البحث والنظر وتتبع أخباره، وقال: “تداخلت حياته مع مايلز، الذي كان في عُمان في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر، ومن المرجح أنه كان يعمل معه شخصيًا، كان جاياكار موضوعًا لعدد من الدراسات والمدونات بالفعل، بما في ذلك منشور مارك هوب على صفحة (الحياة غير المروية) في المكتبة البريطانية، ورواية تشارلي ساموت المفصلة عن حياة جاياكار. اشتهر باستكشافه لعدد من نباتات وحيوانات عُمان (التي سُمي بعضها باسمه)، بالإضافة إلى دراسته اللهجات العُمانية والأدب الشفوي في عُمان، الذي تُرجم إلى العربية عام ١٩٨٠م، والمصطلحات الطبية العربية، فضلًا عن تدخله العرضي في الشؤون العُمانية البريطانية. نشر براتاب فيلكار (أحد أحفاد جاياكار) مجموعة من أبحاثه في علم الحيوان عام ٢٠٠٤م، ولكن على الرغم من التركيز على مساعي جاياكار الفكرية والعلمية، إلا أن أنشطته كجامع للتحف أُغفلت إلى حدٍّ كبير، توفي جاياكار عام 1911م، وقُبَيْل وفاته تبرَّع بـ: (10) مخطوطات باللغة العربية إلى المتحف البريطاني، في 12 ديسمبر 1903م، من بينها: (ديوان موسى بن حسين الكيذاوي)، و(سبائك اللجين لابن رزيق النخلي)، و(كتاب الدليل والبرهان ليوسف بن إبراهيم السدراتي) -من المخطوطات المغربية التي وصلت عُمان في وقت مبكر-، و(كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة للسرحني)؛ و(الصحيفة العدنانية لابن رزيق النخلي)، إلى جانب عدد من الدواودين الشعرية العمانية، كـ: (القصيدة القدسية النورانية)، و(ديوان الحبسي)، و(ديوان الستالي).. إلخ”. وأوضح أردمان أن العقيد كان يعلق على بعض تلك الكتب، ويدوِّن ملاحظاته الشخصية على هوامشها، ما يكشف عن معرفته بالمواقع والأعلام، وبعد استعراض لتلك المخطوطات خلص أردمان إلى الملاحظات الآتية:
- المخطوطات التي وصلت إلى المتحف عن طريق العقيد جاياكار قيِّمة جدًّا؛ لما تقدمه لنا من رؤية عن عُمان وتاريخها وثقافتها.
- تحوي معظم المخطوطات على أسماء النُّسَّاخ، ومكان النسخ، وتاريخه، وتختلف هذه الأسماء من مجلد إلى آخر.
- أقدم المخطوطات المحفوظة كانت بتاريخ ربيع الأول 946 هـ (أغسطس 1539 م).
- إن قائمة ويكيبيديا العربية للقبائل العمانية تساعد بشكل كبير في التعرف على الفئات الاجتماعية والقبلية في المخطوطات، والأمر نفسه ينطبق على التعيين الجغرافي في ملاحق بعض المخطوطات.
- هناك مجموعة كبيرة من الأسماء، التي تكشف عن تنوُّع النساخ، وتمادي التواريخ، ويمكننا أن نرى أن جاياكار جمع تلك الآثار في مُدَدٍ مختلفة، مع التركيز بشكل كبير على الإنتاج الذي تحدث إمَّا عن تاريخ الأرض، أو عن الإنتاج الأدبي لأهلها.
- بعض تلك المخطوطات يعود -بطبيعة الحال- إلى ما قبل وقت وجوده في عُمان، ووجود بريطانيا في المنطقة؛ فبعضها يرجع إلى عصر اليعاربة، وبعضها الآخر يرجع إلى نهاية فترة وجوده في البلاد. مما يثير التساؤل -كما يقول- عمَّا إذا كان قد عرف ناسخيها أو مُلَّاكها. يتعقب ذلك بالقول: “لا شيء من هذا مفاجئًا؛ بالنظر إلى مسيرة جاياكار المميزة في توثيق النباتات والحيوانات واللغة العمانية على مدى ربع قرن”.
- تشير الحواشي الكثيرة، والهوامش في بعض هذه المجلدات إلى أنه لم يكن الوحيد الذي استخدم هذه المجلدات؛ مما قد يشكِّل نقطة جذب للعقيد وفضوله بشأن الحياة في عُمان.
- يمكن تقسيم المخطوطات وفقًا لمعايير أخرى غير العصور، وهي بمجموعها تعكس اهتمامات جاياكار، وعنايته بالموضوعات المنتقاة بدقة وعناية بالغة.
- البناء المادي والفني للأعمال يستحق -أيضًا- الاهتمام؛ فقد استخدمت فيه الزخرفة والألوان المختلفة (خاصة الأرجواني والأسود) في بعض تلك المخطوطات، كما أن بها خطوطا مغايرة أحدث من تلك المستخدمة في المتن الأصيل، تحديدا في التقييدات والحواشي المضافة.
وختم مقاله بعد استعراض مُتمكِّث قائلا: “سبقت شهرة أتمارام ساداشيفا غراندين جاياكار في مجالات علم الحيوان والطب واللهجات العربية، ولعلّ دراسة المخطوطات العشر التي أهداها إلى المتحف البريطاني عام ١٩٠٣م تُسهم في توسيع نطاق هذه الشهرة، لتشمل عالم الأرشيف ودراسات المكتبات. ومهما تكن السنوات القليلة القادمة، فإننا على يقين من أن هذه المجموعة الرائعة من المخطوطات ستكون ذات قيمة كبيرة في تحليل مقتنيات تقاليد المخطوطات العُمانية واليمنية الأكثر تعقيدًا وتشابكًا في بقية المجموعة”.

[صفحة من قائمة الكتب التي أهداها جاياكار للمكتبة البريطانية]
تبيَّن لممثل النادي لاحقا أن طائفة أخرى من تلك الأعمال المدرجة جيء بها من الهند، وجعلت ضمن المجموعة، لذا استبعدَ الملاحظات الخاصة بها، علما أن من بينها نسخة من كتاب (حياة الحيوان الكبرى للدميري)، التي ابتاعها العقيد من بومبي، وترجمها لاحقا، كما توجد بالمتحف البريطاني بعض العينات التي أرسلها من مسقط، من بينها عينات طريفة لا تخطر على البال.
_________________________________________________
* ينظر للاطلاع على البرامج والأنشطة والأداء العام:
أ– التقرير والحسابات السنوية للمكتبة البريطانية 2022/23 “تم تقديمه إلى البرلمان بموجب المادة 4 (3) و5 (3)؛ من قانون المكتبة البريطانية لعام 1972م، كما أودعت نسخا منه لدى البرلمان الأسكتلندي، ومكتبة البرلمان الويلزي، وتقديمها إلى جمعية أيرلندا الشمالية. وقد أمر مجلس العموم بطباعته في 18 يوليو 2023م”.
ب– برنامج قادة المكتبات الدولية بالمكتبة البريطانية (12 – 19 يوليو 2023م) “برنامج مكثف؛ لمحترفي المكتبات والأرشيف.. الرؤى والمبادرات والاستراتيجيات”.
ت–موقع المكتبة البريطانية الإلكتروني:
** روابط إلكترونية أخرى؛ للاستزادة من المعلومات حول المكتبات المشار إليها، مقرونة بالهوامش:
1- الموقع الرسمي لمكتبة الفنون الوطنية عبر الشابكة:
روجع بتاريخ: ٢ مارس ٢٠٢٤م.
2- مكتبة موغان (كلية الملك، لندن)؛ عبر الشابكة:
3- أوليري، جون (2010). دليل جامعة تايمز الجيدة 2011. لندن:
ISBN 9780007356140
ينظر: [الموقع الموسوعي للبحث الحر: ويكيبيديا. مكتبة موغان:
روجع في: ٦ مارس ٢٠٢٤م.
4- ينظر التعريف الخاص بالجامعة ضمن الموقع الآتي:
روجع في: ٨ مارس ٢٠٢٤م.
5- تنتمي الغرفة لمجموعة “ويلكوم الخيرية العالمية” المؤسسة عام 1936م، والتي تدعم العلم لحل المشكلات الصحية الملحة التي تواجه الجميع، وقد افتتحت الغرفة للباحثين سنة ٢٠٠٧م. ينظر موقع المؤسسة عبر الرابط:
روجع في: ٧ مارس ٢٠٢٤م.
6- ينظر موقع المكتبة الإلكتروني:
روجع في: ٧ مارس ٢٠٢٤م.
٧- ينظر موقع المكتبة الإلكتروني:
وما نشر حولها عبر المواقع البحثية المختلفة.
٨- ينظر موقع المكتبة الإلكتروني:
روجع في: ٧ مارس ٢٠٢٤م.
٩- ينظر موقع المكتبة الإلكتروني:
روجع في: ٧ مارس ٢٠٢٤م.
١٠- ينظر موقع المكتبة الإلكتروني:
روجع في: ٨ مارس ٢٠٢٤م.
١١- تنظر المكتبات المذكورة على الروابط:
http://institut-francais.org.uk/
https://www.nationalpoetrylibrary.org.uk/
https://wienerholocaustlibrary.org/
https://wellcomecollection.org/collections
روجعت في: ٨ مارس ٢٠٢٤م.
١٢- حوارات ومراسلات، ونشرة خاصة زود بها القائم بالزيارة، ولمزيد من الاستزادة يرتجع الآتي:
أ– منجانا، فهرس المخطوطات العربية في مكتبة جون ريلاندز مانشستر (مانشستر: مطبعة جامعة مانشستر، 1934م).
ب– سي إي بوسورث، “فهرس مداخل المخطوطات العربية في مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر”، نشرة مكتبة جامعة جون ريلاندز بمانشستر، 56 (1973–74)، الصفحات 34-73.
ت– سي. إي. بوسورث، “المخطوطات العربية في مكتبة شيثام بمانشستر”، مجلة الدراسات السامية، ٢١ (١٩٧٦م)، ص ٩٩-١٠٨.
*** الصورة الرئيسة للمكتبة البريطانية فاتحة التقرير، ثم لمكتبة موغان لاحقا محفوظة لأصحابها؛ للتنويه.
**** ينظر المقال ضمن موقع المكتبة البريطانية، على الرابط: